زيارة الأسد وقمة شرم الشيخ.. هل تكون بوابة عودة سوريا للجامعة العربية؟
شهد تطور التطبيع العربي مع النظام السوري، محطات بارزة، منذ القرار العربي بتعليق عضويته في نوفمبر 2011، لكن الحدث الأبرز مؤخراً تمثل بالزيارة التي أجراها رئيس النظام بشار الأسد إلى الإمارات، كأول زيارة لدولة عربية منذ اندلاع الثورة السورية قبل 11 عاماً.
ولا يزال أمام تطور التطبيع العربي مع النظام السوري، اختبار صعب في الربع الأخير من 2022، مع عقد القمة العربية المقررة بالجزائر، وسط “خلاف عربي” معلن بشأن رفع التعليق، ووسط محاولات من الإمارات ومصر بإعادة مقعد سوريا للنظام.
ولعل اللافت مؤخراً، كان اللقاء الثلاثي الذي جمع الرئيس المصري، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، وولي عهد أبوظبي في شرم الشيخ، والذي ناقش قضايا مختلفة كان أبرزها عودة سوريا للحاضنة العربية والدولية، ما يطرح تساؤلات حول مصير هذه اللقاءات، وما إن كان النظام سيدخل في قطار التطبيع مع “إسرائيل”
لقاء شرم الشيخ
بعد أيام من زيارة بشار الأسد إلى الإمارات، كشف الإعلام العبري أواخر مارس 2022، أن الإمارات مررت رسالة إلى “إسرائيل” مفادها ضرورة إعادة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الساحة العربية “كي لا يبقى تحت حماية إيران وروسيا”.
وقال مراسل الإذاعة الإسرائيلية العامة، أن رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استفسرا من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد عن سبب التقارب مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.وأضاف أن “بن زايد” أخبر بينيت والسيسي خلال الاجتماع في شرم الشيخ، أن “الحرب في سوريا انتهت ويجب فتح علاقات مع النظام السوري لإبعاده عن إيران وروسيا وهذا يخدم المصالح الإسرائيلية”.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية “كان” عن مسؤولين مطلعين أن الإماراتيين قالوا إنه يجب إعادة العلاقات مع نظام الأسد لأن الحرب في سوريا انتهت، مع وجود تقديرات بأن هذه العملية لن تحدث بشكل فوري، لكن الهدف هو بناء علاقات ثقة.
وقال الإماراتيون -وفقا للتقرير- إنه يجب أن تكون لـ”إسرائيل” مصلحة في هذه الخطوة، “لأن أي أمر يمكن أن يقلص تأثير إيران على الحدود هو مطلوب”.
زيارة الأسد لأبوظبي
وكان الأسد قد التقى ولي عهد أبوظبي، في أول زيارة لرئيس النظام السوري إلى دولة عربية منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011.
وجرى اللقاء في قصر الشاطئ، وأعرب ولي عهد أبوظبي عن أمنياته بأن تكون “هذه الزيارة فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا الشقيقة والمنطقة جمعاء”، فيما استقبل رئيس مجلس الوزراء الإماراتي نائب رئيس الدولة حاكم دبي محمد بن راشد، رئيس النظام السوري في دبي.
ولعل تلك الخطوة تسببت في انزعاج الولايات المتحدة الأمريكية، التي أعربت خارجيتها عن شعورها بـ”خيبة أمل” من زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة.ووفق ما أوردت وكالة “رويترز”، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، إن الولايات المتحدة “تشعر بخيبة أمل وانزعاج عميقين” من زيارة الأسد، واصفاً إياها بأنها “محاولة واضحة لإضفاء الشرعية” على رئيس النظام في سوريا.
وأضاف أن بشار الأسد “يظل مسؤولاً وخاضعاً للمساءلة عن وفاة ومعاناة عدد لا يحصى من السوريين، وتشريد أكثر من نصف السكان السوريين قبل الحرب، والاعتقال التعسفي واختفاء أكثر من 150 ألف رجل وامرأة وطفل سوري”.
وأكد برايس أن بلاده “لن ترفع أو تلغي العقوبات ولا تؤيد إعادة إعمار سوريا حتى يكون هناك تقدم لا رجوع فيه نحو حل سياسي، وهو ما لم نشهده”.
ربما لكن!
يقول الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم العلبي، إنه لا يعتقد أن جهود الإمارات وبدرجة أقل مصر لإعادة النظام السوري الى الجامعة العربية “تخفى على أحد”.
ويوضح “العلبي” في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن زيارة بشار الأسد إلى الإمارات ربما تكون بوابة لذلك لكن لقاء شرم الشيخ ليس كذلك كونه “عبارة عن المنتدى الذي طرح فيه بن زايد مسألة عودة الأسد إلى الجامعة العربية وأثمان ذلك وتداعياته”.
ويشير إلى أن هذا الطرح الآن يبدو “كمحاولة لإقناع (إسرائيل) التي تفضل سياسة مزدوجة تقوم على الغموض والحياد المصطنع؛ فهي تريد الاستمرار في تصوير الأسد كعدو في نفس الوقت الذي تمارس فيه كل نفوذها على الساحة الدولية لمنع سقوطه أو إسقاطه”.
ويؤكد أن تطبيع “الأسد” سيكون الثمن الذي تدرسه “إسرائيل” للموافقة على إعادة تعويمه على كل المستويات وليس عربياً فقط.
لكنه استدرك بقوله إن “إسرائيل تريد أن ترى سحباً أو انسحاباً للحرس الثوري الايراني من سوريا”، مبيناً أنه “لا يوجد ما يضمن أن يتمكن الأسد من فعل ذلك حتى لو تعهد به”.
وخلص إلى أنه على افتراض تذليل كل هذه العقبات، “يبقى الموقف الأمريكي من جهة والموقف السعودي من جهة أخرى عائقاً أمام أي محاولة لإعادة الأسد للجامعة العربية ما لم تقتنع واشنطن أو الرياض بضرورة ذلك”.محاولات سابقة
بعد 7 سنوات حلت محطة إذابة الجليد وفتح الاتصالات وعودة الزيارات علنا، والتي تلت سنوات دعم إيراني وروسي، أبقى بحسب مراقبين على نظام الأسد.
ففي نوفمبر الماضي استقبل “الأسد” وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، حيث بحثا “العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتكثيف الجهود لاستكشاف آفاق جديدة لهذا التعاون، وخصوصاً في القطاعات الحيوية من أجل تعزيز الشراكات الاستثمارية في هذه القطاعات”.
وبدأت الإمارات مبكراً في إعادة التطبيع مع نظام الأسد، حيث أعادت في ديسمبر 2018، افتتاح سفارتها في دمشق، كأول دولة من بين الدول العربية التي قاطعت سوريا بعد الثورة على النظام السوري.
كما شهدت دمشق في ديسمبر من ذات العام وصول الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، لدمشق، ليكون أول رئيس عربي يلتقي بشار الأسد منذ 2011.
وفي ديسمبر أيضاً، راجت تقارير صحفية عربية، بأن تونس والجزائر، تجهزان لمسودة قرار لرفع تعليق العضوية عن سوريا.
وإضافة إلى ذلك كانت البحرين والعراق وسلطنة عمان من أوائل الدول العربية التي قررت استئناف رحلاتها إلى العاصمة السورية، وعبر الأجواء السورية، بعد قطيعة عربية أعقبت الأزمة المستمرة في سوريا.